قال مصدر مسؤول في وزارة التربية التونسية حجب اسمه، إن ارتداء النقاب محظور في المؤسسات التربوية لأسباب أمنية، في وقت ازداد فيه الجدل بين الإسلاميين والعلمانيين حول حقوق المرأة التونسية ما بعد ثورة 14 يناير العام الجاري. وقال المصدر لـ«الإمارات اليوم»، إن وزارة التربية تؤكد أنه إذا كان ارتداء الحجاب أمرا عاديا في المؤسسات التربوية، فإنه لا يمكن السماح بارتداء النقاب لأنه يغطي الوجه، الذي يمثل جزءاً من هوية الشخص.
وأوضح أن ارتداء النقاب يجعل هناك صعوبة في تعامل المدرس مع طالبة تغطي وجهها، لافتاً إلى أن حظره يأتي لضمان التواصل داخل الفصل بين التلاميذ.
ويشار إلى أن السلطات الرسمية سمحت بعد الثورة التونسية، بارتداء الحجاب وإطلاق اللحية للشبان بعد سنوات من حظرهما خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وأصدرت وزارة الداخلية التونسية بطاقات هوية شخصية لنساء مرتديات الحجاب، بعد أن كانت تحجر عليهن خلال نظام بن علي، لأسباب تتعلق بمنع ما كان يسمى بـ«اللباس الطائفي»، ولم يسجل في تونس أية حالة لمضايقات تعرضت لها المحجبات أو المنتقبات، كما أفاد المصدر الرسمي.
وقالت الطالبة سمارة الجريدي التي أجبرت خلال السنوات الماضية على توقيع التزامات بعدم ارتداء الحجاب، إن الوضع تغير، الأمر الذي دفع بزيادة عدد المحجبات بعد الثورة. وأضافت سمارة إنها تعرضت لإهانة من طرف موظفي جامعتها ومديرها، الذي عمل في بعض الأحيان على منعها من التقدم الى الامتحانات، وأنها تعرضت لاعتداء «رمزي»، عبر إجبارها على توقيع التزام بسبب الحجاب، حينما ذهبت إلى مركز الأمن الجامعي لاستخراج ورقة رسمية تثبت هويتها أثناء فترة الامتحانات.
وأشارت فتاة تونسية تدعى حنان، إلى أنها سعيدة بسقوط نظام بن علي، وأنها لن تنسى تعرضها لاعتداء جسدي من عناصر أمنية قبل سنوات أمام معهدها الثانوي في منطقة المروج حينما كانت تنوي الدخول إلى مدرستها. وأضافت أن هذه الحادثة تركت بصمات في حياتها بعد اجبارها على خلع الحجاب والاعتداء عليها، واقتيادها لمركز الأمن بهدف التوقيع على التزام بعدم ارتداء «اللباس الطائفي في المؤسسات الرسمية».
من جهتها، قالت وزارة الشؤون الدينية التونسية في بيان صحافي، إن ارتداء الحجاب يعد شأناً شخصياً ويندرج في إطار الحرية الفردية.
وشهدت تونس ما بعد الثورة، التي أطاحت بنظام بن علي، جدلاً بين الإسلاميين والعلمانيين حول حقوق المرأة، حيث ساد التخوف لدى بعض العلمانيين من وصول التيارات الإسلامية إلى الحكم والعودة بتونس إلى «القرون الوسطى». وقالت رئيسة اتحاد المرأة التونسية سابقاً عزيزة حتيرة لـ«الإمارات اليوم»، إن الأصوات التي تتعالى في الوقت الراهن تريد إرجاع تونس إلى القرون الوسطى، متهمة حزب النهضة الإسلامي بازدواجية الخطاب حول موضوع حقوق المرأة. وأوضحت حتيرة التي شغلت منصب عضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم سابقاً أن «النقاب يجعل المرأة كأنها كرسي أو طاولة أو خارج الموضوع، أو كأنها إنسان بلا عقل، لا يمكنه المشاركة في الحياة العملية والعلمية». وأضافت حتيرة أن النقاب في تونس اندثر منذ الأربعينات، بسبب التحاق المرأة بالتعليم والمشاركة في الحياة الاقتصادية للبلاد. وتابعت أن «النقاب والحجاب ليسا من الدين، وأنه لا يوجد أي آية قرآنية تجبر المرأة على ارتداء الحجاب».
وكان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي عمل من خلال ما يعرف في تونس بـ«البوليس السري»، على ملاحقة الشبان الملتحين والنساء المرتديات الحجاب في المؤسسات الرسمية، إذ تنوعت أشكال المضايقات التي وصلت في بعض الأحيان إلى استخدام العنف لنزع حجاب المرأة أو السجن للرجال الملتحين.
ولم يكن موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» بعيداً عن الجدل الدائر حول النقاب والحجاب، إذ أسس نشطاء تونسيون صفحة للدفاع عن قرار «حظر النقاب في المؤسسات التربوية»، فيما أطلق آخرون صفحات للمطالبة بإباحة ارتداء النقاب. ونشر القائمون على الصفحات المدافعة عن حظر النقاب نص يعتبرونه «النظام الداخلي للمؤسسات التربوية في تونس»، يدعو الطلبة والتلاميذ إلى «التحلي بهندام سليـم ومظهر لائق بعيداً عن أنماط الحلاقة الشاذة واللحى، خصوصاً اللباس الدخيل، وكل ما يميــز طائفة دينية عن أخرى، مثل القميـص السلفي والنقــاب والبرقــع»، وأما المدافعون عن النقاب، فقد طالبوا وزير التربية التونسي الطيب البكوش بالتراجع عن حظر النقاب في المؤسسات التربوية.
الإمارات اليوم
0 Comments:
Enregistrer un commentaire